بسم الله الرحمن الرحيم
}مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب/23 [
الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذِلّ الشرك بقهره، الذي قدر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، والصلاة والسلام على مَن أعلى الله منارَ الإسلام بسيفه.
وبعد
فبعد رحلة مليئة بالتضحيات ترجل فارس من فرسان الجهاد من جواد العز ليمتطي جواد الكرامة .فلقد تلقيت خبر مقتله فكان كالصاعقة علي فاشعل لهيبا باحشائي ودمر اجهزة الاحساس والوجدان فيَّ فغازلت ادمعي لكنها ابت مكرهة لجفاف ينابيعها ،حار فكري واضطرب فحامل الرسالة لم اعهد عليه الكذب ومما زاد لوعتي ان الفارس قد بعث بتحية سلام الينا معه قبيل استشهاده فكانت رسالتان في آن واحد قد القيتا الي حزن وفرح حزن لفقده وفرح بتحية سلامه فغلب الحزن على الفرح ولكنه ليس أي حزن انما حزن الام على ابنتها العروس، تلقينا خبر مقتله بقلب مؤمن راض فلا يسعنا إلاّ أن نقول ما علّمنا رسول ربّنا عليه الصّلاة و السّلام : إنّ لله ما أخذ و له ما أعطى و كلّ شيء عنده إلى أجل مسمّى ، و لا نقول إلاّ ما يرضي ربّنا إنّا لله و إنّا إليه راجعون .
رحم الله ابا محمد فقد اتعب السائرين على دربه فلقد علم الشجاعة الشجاعة والرجولة الرجولة عاش شامخاً كشموخ نخل الانبار صلباً كصحرائها اشعث اغبر لو اقسم على الله لأبره نحسبه كذلك والله حسيبه
قدمه في الثرى , و قامته تعلو الثريا !
قطع القفار , و تحدى الصعاب ...طلبا لتجارة الموت !
ترك جنة "الجحيم" حيث الراحة و الدعة و الترف و هاجر إلى جحيم "الجنة" حيث ضرب الأعناق و تناثر الأشلاء ...لأَنْ يلقى في النار أهون عليه أن يعود سالما إلى أهله و منزله ... فلم يرَ بياض شعره الا نذيراً لدنو منيته فسار إليها معتجل الخطا كمسير اهل الحب للميعاد ، فليس كمن رأى شيبه فبدأ يرتب اوراق التقاعد فمات وهو قاعد، فشتان شتان بينهما
مات ابا محمد كما كان يتمنى واي امنية اعظم من ان يموت في سبيل الله مات مقبلاً غير مدبر واقفا كشجرة الخريف مجرداً من اعباء الدنيا.فلا عجب فهو من رجال دولة العراق الاسلامية رجال لا تعرف منهم سوى كناهم جمعهم رباط العقيدة من مناطق شتى ..رجالٌ.. الموت لا يخيفهم كما يخيفنا نحن , فهو يسمونه " أحلى الحسنييْن" , لذا تجدهم يتسابقون إلى ذلك الأحسن..
أما الفائز بالقرعة , فتجده يركب شاحنة اللوري المفخخة و كأنه يركب أرجوحة !
تجده مسرورا مطمئنا , كأنه طفل بريئ يلهو بلعبة , اسمها " الموت" !
هكذا فعل رجال دولة الإسلام بالموت , فماذا تراهم يفعلون بأعدائهم !
حينما يكون 99.99% من أمة محمد غاطّين في نوم عميق ساعة السّحر , تجدهم معتكفين في ثغورهم ينتظرون ساعة الصفر ....
و عندما ينادي أذان الفجر " الله أكبر " يتوضؤون بدمائهم و يصلون بأكفانهم ...فهذه عبادتهم..و هذه صلاتهم
عندما يتذكرون نكران الأمة لجهادهم ....عندما يتذكرون خذلانها لهم ..
, تجدهم كالأم الرؤوم يقولون :
" لا يَهُم , سيكبر طفلي يوما و يعرف قيمةَ أُمّه "
لا يدعون أبدا على أطفالهم " العاقّين "...بل يتخيرون أوقات الإجابة ليدعون ربهم :
" رب وفق أمتنا , رب انصر أمتنا ,
رب ارحم قومنا فهم لا يعلمون "
اما عزائي لأهل ابا محمد فاسأل الله ان يعظم اجركم ويغفر لشهيدكم نحسبه كذلك والله حسيبه فليعلم الله مدى حزننا عليه ونحن لم نعش معه الا قليلا فكيف بكم وانتم ترعرعتم بأحضانه فالمصاب جلل والخطب عظيم لكن هذا قدر الله فالله الله في دينكم واصبروا فلن تجدوا منا الا الاب الحاني والاخ المشفق والابن البار ولأن شح لقائه في حياته فابشروا بشفاعته بعد مماته ولأن عز عليكم ان لا تروا له قبراً فهذا ديدن رجال دولة الاسلام يتحسسون من القبور فلقد كان دعائهم "اللهم لا تجعل قبراً يضمني ،اللهم في حواصل الطير وبطون السباع" فلقد نال ابا محمد المنى بعدما اسقى العدا كؤوس المنايا بسلاحه "العرجة" فكان قبر عدوه إرث عارٍ وشنار لذريته وانه سيأتي يوماً سيركل ابناء عدوه قبر ابيهم وسيبصقون عليه لانه اودعهم في مزبلة التاريخ...فيا اهل بيت فارسنا الله وكيلكم فلنعم الوكيل والله نصيركم فلنعم المولى ولنعم النصير